لا يستحق السلب إلا بقول الإمام: إنه له، إذ لو كان استحقاقه له بمجرد القتل لما كان لمنع معاذ بن عفراء وجه، مع أن النبي صرح بأنه قتله مع معاذ بن عمرو، ولجعله بينهما.
ومنها: ما رواه الإمام أحمد، ومسلم، وأبو داود، عن عوف بن مالك قال: قتل رجل من حمير رجلًا من العدو، فأراد سلبه، فمنعة خالد بن الوليد، وكان واليًا عليهم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عوف بن مالك فأخبره؛ فقال لخالد: ما منعك أن تعطيه سلبه؟ قال: استكثرته يا رسول الله. قال: ادفعه إليه، فمر خالد بعوف فجر بردائه، ثم قال: هل أنجزت لك ما ذكرت لك من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ؟ فاستغضب فقال: لا تعطه يا خالد، لا تعطه يا خالد، هل أنتم تاركون لي أمرائي، إنما مثلكم ومثلهم، كمثل رجل استرعى إبلًا، أو غنمًا فرعاها، ثم تحين سقيها فأودرها حوضًا فشرعت فيه، فشربت صفوه، وتركت كدره، فصفوه لكم، وكدره عليهم.
وفي رواية عند مسلم أيضًا: عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: خرجت مع من خرج مع زيد بن حارثة في غزوة مؤتة، ورافقني مددي من اليمن، وساق الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه، غير أنه قال في الحديث: قال عوف بن مالك: فقلت: يا خالد، أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل، قال: بلى، ولكني استكثرته، هذا لفظ مسلم في صحيحه.
وفي رواية عن عوف أيضًا، عند الإمام أحمد وأبي داود قال: خرجت مع زيد بن حارثة في غزوة مؤتة، ورافقني مددي من أهل اليمن، ومضينا فلقينا جموع الروم، وفيهم رجل على فرس له،