للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وردت هذه الآية الكريمة بلفظ الخبر، والمراد بها الإِنشاء، وهذا النهي البليغ، والزجر العظيم، عن موالاة أعداء الله، وإيراد الإِنشاء بلفظ الخبر أقوى وأوكد من إيراده بلفظ الإِنشاء، كما هو معلوم في محله.

ومعنى قوله: {يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}: أي: يحبون ويوالون أعداء الله ورسوله.

وما تضمنته هذه الآية الكريمة من النهي والزجر العظيم عن موالاة أعداء الله جاء موضحًا في آيات أخر، كقوله تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَينَنَا وَبَينَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}، وقوله تعالى: ({مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَينَهُمْ}، وقوله تعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}، وقوله تعالى: {وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} الآية، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيهِمْ}، إلى غير ذلك من الآيات.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {لَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ} زعم بعضهم أنها نزلت في أبي عبيدة بن الجراح، قائلًا: إنه قتل أباه كافرًا يوم بدر أو يوم أُحد. وقيل: نزلت في عبد الله بن عبد الله بن أُبي المنافق المشهور، وزعم من قاله: أن عبد الله استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قتل أبيه عبد الله بن أبي فنهاه. وقيل: نزلت في أبي بكر، وزعم من قاله: أن أباه أبا قحافة سب النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل إسلامه فضربه ابنه أبو بكر حتى سقط.