هذا برهان قاطع آخر على البعث. وقوله:{وَتَرَى} أي: يا نبي الله؛ وقيل: وترى أيها الإنسان المخاطب. وهي رؤية بصرية تتعدى إلى مفعول واحد. فقوله:{هَامِدَةً} حال من الأرض، لا مفعول ثانٍ لترى. وقوله: هامدة، أي: يابسة قاحلة لا نبات فيها.
وقال بعض أهل العلم: هامدة، أي: دارسة الآثار من النبات، والزرع. قالوا: وأصل الهمود الدروس والدثور. ومنه قول الأعشى ميمون بن قيس:
قالت قتيلةُ: ما لجسْمك شاحِبًا ... وأرى ثيابَك بالياتٍ هُمّدا
أي: وأرى ثيابك باليات دارسات.
{فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيهَا الْمَاءَ} أي: سواء كان من المطر، أو الأنهار، أو العيون أو السواني {اهْتَزَّتْ} أي: تحركت بالنبات. ولما كان النبات نابتًا فيها متصلًا بها، كان اهتزازه كأنه اهتزازها، فأطلق عليها بهذا الاعتبار أنها اهتزت بالنبات؛ وهذا أسلوب عربي معروف.
وقال أبو حيان في البحر المحيط: واهتزازها تخلخلها واضطراب بعض أجسامها لأجل خروج النبات، وقوله:{وَرَبَتْ} أي: زادت وارتفعت. وقال بعض أهل العلم: وربت انتفخت لأجل خروج النبات.
وقال ابن جرير الطبري: وربت، أي: أضعفت النبات بمجيء الغيث.