وهذا إنما يتمشى على القول بأن سبب التفطر المذكور هو افتراؤهم على الله في قولهم: {اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (٨٨)}، وقد قدمنا آنفًا أنه دلت عليه آية مريم المذكورة، وعليه فمناسبة قوله:{وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} لما قبله: أن الكفار وإن قالوا أعظم الكفر وأشنعه، فإن الملائكة بخلافهم، فإنهم يداومون ذكر الله وطاعته.
ويوضع ذلك قوله تعالى: {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ (٣٨)}، وقوله تعالى: {فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (٨٩)}، كما قدمنا إيضاحه في آخر سورة فصلت.
أكد جل وعلا في هذه الآية الكريمة، أنه هو الغفور الرحيم، وبيَّن فيها أنه وحده المختص بذلك.
وهذان الأمران اللذان تضمنتهما هذه الآية الكريمة، قد جاءا موضحين في غير هذا الموضع.
أما اختصاصه هو جل وعلا بغفران الذنوب، فقد ذكره في قوله تعالى:{وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ}، والمعنى: لا يغفر الذنوب إلا الله، وفي الحديث:"رب إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت" الحديث، وفي حديث سيد الاستغفار:"اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني" الحديث، وفيه "وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت".
ووجه دلالة هذه الآية على أن الله وحده هو الذي يغفر