الموضوع له مشاكلة للفظ آخر مقترن به الكلام؛ كقول الشاعر:
قالوا: اقترح شيئًا نجد لك طبخه ... قلت: اطبخوا لي جبة وقميصا
أي: خيطوا لي. وقال بعض العلماء: ومنه قول جرير:
هذه الأرامل قد قضيت حاجتها ... فمن لحاجة هذا الأرمل الذكر
بناء على القول بأن الأرامل لا تطلق في اللغة إلا على الإناث.
ونظير الآية الكريمة في إطلاق إحدى العقوبتين على ابتداء الفعل مشاكلة للفظ الآخر قوله تعالى:{ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ .. } الآية، ونحوه أيضًا قوله:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} مع أن القصاص ليس بسيئة، وقوله:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} الآية؛ لأن القصاص من المعتدي أيضًا ليس باعتداء كما هو ظاهر، وإنما أدي بغير لفظه للمشاكلة بين اللفظين.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه - صلى الله عليه وسلم - مأمور بالصبر، وأنه لا يمتثل ذلك الأمر بالصبر إلا بإعانة الله وتوفيقه؛ لقوله:{وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} وأشار لهذا المعنى في غير هذا الموضع، كقوله: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥)} لأن قوله: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ .. } الآية، معناه أن خصلة الصبر لا يلقاها إلا من كان له عند الله الحظ الأكبر والنصيب الأوفر، بفضل الله عليه، وتيسير ذلك له.