أكنة، جمع كنان، وهو ما يستر الشيء ويغطيه ويكنه، لئلا يفقهوا القرآن، أو كراهة أن يفقهوه لحيلولة تلك الأكنة بين قلوبهم وبين فقه القرآن، أي: فهم معانيه فهمًا ينتفع به صاحبه، وأنه جعل في آذانهم وقرًا، أي: صممًا وثقلًا لئلا يسمعوه سماع قبول وانتفاع.
وبين في مواضع أخر سبب الحيلولة بين القلوب وبين الانتفاع به، وأنه هو كفرهم، فجازاهم الله على كفرهم بطمس البصائر، وإزاغة القلوب والطبع والختم والأكنة المانعة من وصول الخير إليها، كقوله تعالى:{فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ. .} الآية، وقوله:{بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} وقوله: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} وقوله: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا. .} الآية، وقوله: {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ (١٢٥)} إلى غير ذلك من الآيات.
تنبيه
في هذه الآية الكريمة: الرد الواضح على القدرية في قولهم: إن الشر لا يقع بمشيئة الله، بل بمشيئة العبد: سبحان الله وتعالى علوًا كبيرًا عن أن يقع في ملكه شيء ليس بمشيئته؟ {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا}{وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} الآية {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} إلى غير ذلك من الآيات.