وإنما أخرنا الكلام على الحروف المقطعة مع أنه مرت سور مفتتحة بالحروف المقطعة في القرآن المكي غالبًا، والبقرة وآل عمران مدنيتان، والغالب له الحكم، واخترنا لبيان ذلك سورة هود؛ لأن دلالتها على المعنى المقصود في غاية الظهور والإيضاح؛ لأن قوله تعالى: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (١)} بعد قوله: {الر} واضح جدًا فيما ذكرنا. والعلم عند الله تعالى.
هذه الآية الكريمة فيها الدلالة الواضحة على أن الحكمة العظمى التي أنزل القرآن من أجلها: هي أن يعبد الله جل وعلا وحده، ولا يشرك به في عبادته شيء؛ لأن قوله جل وعلا: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (١) أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ} الآية -صريح في أن آيات هذا الكتاب فصلت من عند الحكيم الخبير لأجل أن يعبد الله وحده. سواء قلنا: إن "أن" هي المفسرة. أو أن المصدر المنسبك منها ومن صلتها مفعول من أجله؛ لأن ضابط "أن" المفسرة أن يكون ما قبلها متضمنًا معنى القول، ولا يكون فيه حروف القول.
ووجهه في هذه الآية أن قوله:{أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ} فيه معنى قول الله تعالى لذلك الإحكام والتفصيل دون حروف القول، فيكون تفسير ذلك هو: ألا تعبدوا إلا الله.
وأما على القول بأن المصدر المنسبك من "أن" وصلتها مفعول له فالأمر واضح. فمعنى الآية: أن حاصل تفصيل القرآن هو أن يعبد الله تعالى وحده ولا يشرك به شيء، ونظير هذا المعنى قوله