ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة: أن الملأ من قوم نوح قالوا له: ما نراك اتبعك منا إلَّا الأسافل والأراذل. وذكر في سورة الشعراء أن اتباع الأراذل له في زعمهم مانع لهم من اتباعه بقوله: {قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (١١١)} وبين في هذه السورة الكريمة: أن نوحًا عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام أَبى أن يطرد أولئك المؤمنين الذين اتبعوه بقوله: {وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (٢٩) وَيَاقَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ} الآية وذكر تعالى عنه ذلك في الشعراء أيضًا بقوله: {إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ (١١٣) وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ (١١٤)}.
ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة عن نبيه نوح: أنَّه قال لقومه: {أَرَأَيْتُمْ} أي: أخبروني {إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيْنَةٍ مِنْ رَبِّى} أي: على يقين ونبوة صادقة لاشك فيها، وأعطاني رحمة منه مما أوحى إلى من التوحيد والهدى، فخفي ذلك كله عليكم، ولم تعتقدوا أنَّه حق، أيمكنني أن ألزمكم به، وأجبر قلوبكم على الانقياد والإذعان لتلك البينة التي تفضل الله علي بها، ورحمني بإيتائها، والحال أنكم كارهون لذلك؟ يعني ليس بيدي توفيقكم إلى الهدى وإن كان