قضاءه، بدليل قوله: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٠)}، وقوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} وحَذْف فعل الإرادة لدلالة المقام عليه كثير في القرآن وفي كلام العرب، ومن أمثلته في القرآن قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} الآية، أي إذا أردتم القيام إليها، وقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ (٩٨)} أي إذا أردت قراءة القرآن، كما تقدم مستوفى.
وقوله تعالى في الآية التي نحن بصددها:{مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ} زيدت فيه لفظة {مِنْ} قبل المفعول به لتأكيد العموم. وقد تقرر في الأصول أن النكرة في سياق النفي إذا زيدت قبلها لفظة {مِنْ} لتوكيد العموم كانت نصًّا صريحًا في العموم، وتطرد زيادتها للتوكيد المذكور قبل النكرة في سياق النفي في ثلاثة مواضع: قبل الفاعل كقوله تعالى: {مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ}، وقبِل المفعول كهذه الآية، وكقوله:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إلا نُوحِي إِلَيهِ} الآية؛ وقبل المبتدأ كقوله:{مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيرُهُ}.
أظهر الأقوال في {الْأَحْزَابُ} المذكورة في هذه الآية: أنهم فرق اليهود والنصارى الذين اختلفوا في شأن عيسى. فقالت طائفة: هو ابن زنى. وقالت طائفة: هو ابن الله. وقالت طائفة: هو الله. وقالت طائفة: هو إله مع الله. ثم إن الله توعد الذين كفروا منهم بالويل لهم من شهود يوم القيامة؛ وذلك يشمل من كفر بالتفريط