وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (١٧٢)}. والآية تدل على أن كل رسول أمر في زمنه بالأكل من الحلال، والعمل الصالح. وتأثير الأكل من الحلال في الأعمال معروف. وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٥١)} وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام يمد يديه إلى السماء، يا رب يا رب فأنَّى يستجاب له" وهو يدل بدلالة واضحة أن دعاءه الذي هو من أعظم القرب لم ينفعه؛ لأنه لم يأكل من الحلال ولم يشرب منه، ولم يركب منه.
قد أوضحنا معنى هاتين الآيتين، وفسرنا ما يحتاج منهما إلى تفسير، وبينا الآيات الموضحة لمعناها في سورة الأنبياء في الكلام على قوله: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (٩٢) وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (٩٣)} وبينا المراد بالأمة مع بعض الشواهد العربية، وبينا جميع معاني الأمة في القرآن في أول سورة هود في الكلام على قوله:{وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ} الآية، فأغنى ذلك عن إعادته هنا.