في سورة "بني إسرائيل" في الكلام على قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} فأغنى ذلك عن إعادته هنا. وقد عرف في تاريخ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، أنهم كانوا يسعون في التقدم في جميع الميادين مع المحافظة على طاعة خالق السموات والأرض جل وعلا.
وأظهر الأقوال عندي في معنى العهد في قوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (٧٨)} أن المعنى: أم أعطاه الله عهدًا أنه سيفعل له ذلك، بدليل قوله تعالى في نظيره في سورة "البقرة": {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ}. وخير ما يفسره به القرآن القرآن. وقيل: العهد المذكور: العمل الصالح. وقيل: شهادة أن لا إله إلا الله.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه سيكتب ما قاله ذلك الكافر افتراء عليه، من أنه يوم القيامة يؤتى مالًا وولدًا مع كفره بالله، وأنه يمد له من العذاب مدًّا. قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: {وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (٧٩)}: أي يزيده عذابًا فوق عذاب. وقال الزمخشري في الكشاف: {وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (٧٩)} أي نطول له من العذاب ما يستأهله؛ ونعذبه بالنوع الذي يعذب به المستهزئون، أو نزيده من العذاب ونضاعف له من المدد، يقال: مده وأمده بمعنى. وتدل عليه قراءة علي بن أبي طالب رضي الله عنه:(ونُمِدّ له) بالضم وأكد ذلك بالمصدر. وذلك من فرط غضب الله، نعوذ به