هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا (٤٥)} إلى غير ذلك من الآيات.
وقوله في هذه الآية الكريمة: {لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (٧)} أي: لنختبرهم على ألسنة رسلنا.
وهذه الحكمة التي ذكرها هنا لجعل ما على الأرض زينة لها وهي الابتلاء في إحسان العمل = بيّن في مواضع أخر أنها هي الحكمة في خلق الموت والحياة والسموات والأرض، قال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (٢)}، وقال تعالى:{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}.
وقد بين - صلى الله عليه وسلم - الإحسان بقوله:"أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك" كما تقدم.
وهذا الذي أوضحنا من أنه جل وعلا جعل ما على الأرض زينة لها ليبتلي خلقه، ثم يهلك ما عليها ويجعله صعيدًا جرزًا: فيه أكبر واعظ للناس، وأعظم زاجر عن اتباع الهوى، وإيثار الفاني على الباقي، ولذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر ماذا تعملون. فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء". فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء".