والدليل الثاني: أن الله أتبع قوله: {أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى} بقوله: {لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ} الآية، فدل ذلك دلالة واضحة على ما ذكرنا، والعلم عند الله.
والمصدر المنسبك من {أَنَّ} وصلتها في قوله: {أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى} في محل نصب، بدل من قوله:{الْكَذِبَ} ومعنى وصف ألسنتهم الكذب قولها للكذب صريحًا لا خفاء فيه.
وقال الزمخشري في الكشاف في تفسير قوله تعالى:{وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ} الآية. ما نصه:
فإن قلت: ما معنى وصف ألسنتهم الكذب؟
قلت: هو من فصيح الكلام وبليغه، جعل قولهم كأنه عين الكذب ومحضه؛ فإذا نطقت به ألسنتهم فقد حلت الكذب بحليته، وصورته بصورته، كقولهم: ووجهها يصف الجمال، وعينها تصف السحر اهـ.
• قوله تعالى: {لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ (٦٢)} في هذا الحرف قراءتان سبعيتان، وقراءة ثالثة غير سبعية. قرأه عامة السبعة ما عدا نافعًا: {مُفْرَطُونَ (٦٢)} بسكون الفاء وفتح الراء بصيغة اسم المفعول، من أفرطه. وقرأ نافع بكسر الراء بصيغة اسم الفاعل، من أفرط. والقراءة ليست بسبعية بفتح الفاء وكسر الراء المشددة بصيغة اسم الفاعل من فرط المضعف، وتروي هذه القراءة عن أبي جعفر. وكل هذه القراءات له مصداق في كتاب الله.
أما قراءة الجمهور {مُفْرَطُونَ (٦٢)} بصيغة المفعول فهو اسم