للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مفعول أفرطه: إذا نسيه وتركه غير ملتفت إليه، فقوله: {مُفْرَطُونَ (٦٢)} أي: متروكون منسيون في النار.

ويشهد لهذا المعنى قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا} وقوله: {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ} الآية، وقوله: {وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ} فالنسيان في هذه الآيات معناه: الترك في النار.

أما النسيان بمعنى زوال العلم: فهو مستحيل على الله؛ كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} وقال: {قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (٥٢)}.

وممن قال بأن معنى {مُفْرَطُونَ (٦٢)} منسيُّون متروكون في النار: مجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة، وابن الأعرابي، وأبو عبيدة، والفراء، وغيرهم.

وقال بعض العلماء: معنى قوله {مُفْرَطُونَ (٦٢)} على قراءة الجمهور، أي: مقدمون إلى النار معجلون؛ من أفرطت فلانًا وفرطته في طلب الماء: إذا قدمته، ومنه حديث: "أنا فرطكم على الحوض" أي: متقدمكم. ومنه قول القطامي:

فاستعجلونا وكانوا من صحابتنا ... كما تقدم فراط لوراد

وقول الشنفري:

هممتُ وهمتْ فابتدرنا وأسبلت ... وشمَّر مني فارط متمهِّل