للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي يصلح لأكلها. تقول: رعت الماشية الكلأ، ورعاها صاحبها: أي: أسامها وسرَّحها. يلزم ويتعدَّى. والأمر في قوله: {كُلُوا وَارْعَوْا} للإباحة. ولا يخفى ما تضمنه من الامتنان والاستدلال على استحقاق المنعم بذلك للعبادة وحده.

وما ذكره في هذه الآية الكريمة من الامتنان علي بني آدم بأرزاقهم وأرزاق أنعامهم جاء موضَّحًا في مواضعِ أخر؛ كقوله في سورة "السجدة": {فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ (٢٧)}، وقوله في "النازعات": {أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (٣١) وَالْجِبَال أَرْسَاهَا (٣٢) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (٣٣)}، وقوله في "عبس": {أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (٢٥) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (٢٦) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (٢٧) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (٢٨) وَزَيتُونًا وَنَخْلًا (٢٩) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (٣٠) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (٣١) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (٣٢)}، وقوله في "النحل": {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (١٠)}، إلى غير ذلك من الآيات.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {لِأُولِي النُّهَى (٥٤)} أي لأصحاب العقول. فالنُّهى: جمع نُهْية بضم النون، وهي العقل؛ لأنه ينهى صاحبه عما لا يليق. تقول العرب: نَهُو الرجل بصيغة فعل بالضم: إذا كملت نُهْيته أي عقله. وأصله نهي بالياء، فأبدلت الياء واوًا لأنها لام فعل بعد ضم؛ كما أشار له في الخلاصة بقوله:

وواوًا إثْرَ الضمِّ رُدَّ الْيا متى ... أُلْفِيَ لامَ فعلٍ أو مِن قَبْل تا

• قوله تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (٥٥)}.