صحيحة كانت أو معيبة. ولكنه يفهم من آية أخرى أنه لا يأخذ المعيبة، وهي قوله:{فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} أي لئلا يأخذها، وذلك هو الحكمة في خرقه لها المذكور في قوله:{حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا} ثم بين أن قصده بخرقها سلامتها لأهلها من أخذ ذلك الملك الغاصب؛ لأن عيبها يزهده فيها. ولأجل ما ذكرنا كانت هذه الآية الكريمة مثالًا عند علماء العربية لحذف النعت؛ أي: وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة صحيحة غير معيبة، بدليل ما ذكرنا. وقد قدمنا الشواهد العربية على ذلك في سورة "بني إسرائيل" في الكلام على قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إلا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا .. } الآية. واسم ذلك الملك: هدد بن بدر؛ وقوله:{وَرَاءَهُمْ} أي: أمامهم كما تقدم في سورة "إبراهيم".
قرأه نافع وابن كثير وأبو عمرو وحفص عن عاصم:{حَمِئَةٍ} بلا ألف بعد الحاء، وبهمزة مفتوحة بعد الميم المكسورة. وقرأه ابن عامر وحمزة والكسائي وشعبة عن عاصم:(حامية) بألف بعد الحاء، وياء مفتوحة بعد الميم المكسورة على صيغة اسم الفاعل. فعلى القراءة الأولى فمعنى {حَمِئَةٍ} وذات حمأة وهي الطين الأسود، ويدل لهذا التفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإ مَسْنُونٍ (٢٦)} والحمأ: الطين كما تقدم. ومن هذا المعنى قول تُبَّع الحميري فيما يؤثر عنه يمدح ذا القرنين: