عنده روح عيسى عليه الصلاة والسلام"، فلما أراد خلقه أرسل ذلك الروح إلى مريم، فكان منه عيسى - عليه السلام -، وهذه الإضافة للتفضيل؛ لأن جميع الأرواح من خلقه جل وعلا، كقوله:{وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} وقوله: {نَاقَةَ اللَّهِ} الآية. وقيل: قد يسمى من تظهر منه الأشياء العجيبة روحا يضاف إلى الله، فيقال: هذا روح من الله، أي: من خلقه، وكان عيسى يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله، فاستحق هذا الاسم، وقيل: سمي روحا بسبب نفخة جبريل - عليه السلام - المذكورة في سورة الأنبياء والتحريم، والعرب تسمي النفخ روحا؛ لأنه ريح تخرج من الروح، ومنه قول ذي الرمة:
وعلى هذا القول فقوله "وَرُوحٌ" معطوف على الضمير العائد إلى الله الذي هو فاعل ألقاها. قاله القرطبي والله تعالى أعلم.
وقال بعض العلماء: وَرُوحٌ مِنْهُ، أي رحمة منه، وكان عيسى رحمة من الله لمن اتبعه، قيل: ومنه وأيده بِرُوحٍ مِنْهُ، أي: برحمة منه، حكاه القرطبي أيضا، وقيل: روح مِنْهُ، أي: برهان منه، وكان عيسى برهانا وحجة على قومه. والعلم عند الله تعالى.
• قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (١٧٤)}: المراد بهذا النور المبين القرآن العظيم؛ لأنه يزيل ظلمات الجهل والشك كما يزيل النور الحسي ظلمة الليل، وقد أوضح تعالى ذلك بقوله:{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً} الآية وقوله: {وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ} ونحو ذلك من الآيات.