ما نرى شيئًا، فنزلت:{أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} فوثب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون وخافوا، فنزلت:{فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} فاطمأنوا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بعثت أنا والساعة كهاتين، وأشار بأصبعيه السبابة والتي تليها" اه محل الغرض من كلام القرطبي، وهو يدل على أن المراد بقوله:{فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} أي: لا تظنوه واقعًا الآن عن عجل، بل هو متأخر إلى وقته المحدد له عند الله تعالى.
وقول الضحاك ومن وافقه: إن معنى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} أي: فرائضه وحدوده قوله مردود ولا وجه له، وقد رده الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره قائلًا: إنه لم يبلغنا أن أحدًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعجل فرائض قبل أن تفرض عليهم فيقال لهم من أجل ذلك: قد جاءتكم فرائض الله فلا تستعجلوها، أما مستعجلو العذاب من المشركين فقد كانوا كثيرًا اه.
والظاهر المتبادر من الآية الكريمة: أنها تهديد للكفار باقتراب العذاب يوم القيامة مع نهيهم عن استعجاله.
قال ابن جرير في تفسيره: وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال: هو تهديد من الله لأهل الكفر به وبرسوله، وإعلام منه لهم قرب العذاب منهم والهلاك، وذلك أنه عقب ذلك بقوله سبحانه وتعالى: {عَمَّا يُشْرِكُونَ (١)} فدل بذلك على تقريعه المشركين به ووعيده لهم اه.