للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

• قوله تعالى: {يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (١٢)}.

ضمير الفاعل في قوله: {يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ} راجع إلى الكافر المشار إليه في قوله: {وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (١١)} أي: يدعو ذلك الكافر المذكور من دون الله ما لا يضره، إن ترك عبادته، وكفر به، وما لا ينفعه، إن عبده، وزعم أنَّه يشفع له.

وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من أن الأوثان لا تضر من كفر بها، ولا تنفع من عبدها، بينه في غير هذا الموضع كقوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٨)} وقوله تعالى عن نبيه إبراهيم: {قَال هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (٧٢) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (٧٣) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (٧٤)}.

إذ المعنى أنهم اعترفوا بأنهم لا يسمعون، ولا ينفعون ولا يضرون، ولكنهم عبدوهم تقليدًا لآبائهم، والآيات بمثل ذلك كثيرة.

تنبيه

فإن قيل: ما وجه الجمع بين نفيه تعالى النفع والضر معًا عن ذلك المعبود من دون الله في قوله: {مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ} مع إثباتهما في قوله: {يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ} لأن صيغة التفضيل في قوله: أقرب دلت على أن هناك نفعًا، وضرًّا، ولكن الضر أقرب من النفع.