ابن عباس للفتون المذكور. وقال ابن كثير -رحمه الله- بعد أن ساق حديث الفتون بطوله: هكذا رواه النسائي في السنن الكبرى، وأخرجه أبو جعفر بن جرير، وابن أبي حاتم في تفسيريهما كلهم من حديث يزيد بن هارون به، وهو موقوف من كلام ابن عباس، وليس فيه مرفوع إلا قليل منه، وكأنه تلقاه ابن عباس رضي الله عنه مما أبيح نقله من الإسرائيليات عن كعب الأحبار أو غيره، والله أعلم. وسمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي يقول ذلك أيضًا اهـ.
السنين التي لبثها في مدين هي المذكورة في قوله تعالى:{قَال إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَينِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ} وقد قدمنا في سورة "مريم" أنه أتم العشر، وبينا دليل ذلك من السنة. وبه تعلم أن الأجل في قوله:{فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ} أنه عشر سنين لا ثمان. وقال بعض أهل العلم: لبث موسى في مَدْين ثمانيًا وعشرين سنة، عشر منها مهر ابنة صهره، وثمان عشرة أقامها هو اختيارًا. والله تعالى أعلم.
وأظهر الأقوال في قوله تعالى: {ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَامُوسَى (٤٠)} أي جئت على القدر الذي قدَّرْته وسبق في علمي أنك تجيء فلم تتأخر عنه ولم تتقدم، كما قال تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩)}، وقال: {وَكُلُّ شَيءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (٨)}، وقال: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (٣٨)}. وقال جرير يمدح عمر بن عبد العزيز: