ملكه، ولا يذل ولا يموت، ولا يعزل. كما أوضحنا هذا المعنى في سورة "النحل" في الكلام على قوله تعالى: {وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا} الآية. أي بخلاف فرعون وغيره من ملوك الدنيا فإنه لا يبقى، بل يموت أو يعزل، أو يذل بعد العز. وأكثر المفسرين على أن المعنى: أن ثوابه خير مما وعدهم فرعون في قوله: {قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (١١٣) قَال نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (١١٤)}. وأبقى: أي أدْوَم؛ لأن ما وعدهم به فرعون زائل، وثواب الله باق؛ كما قال تعالى:{مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} وقال تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيرٌ وَأَبْقَى (١٧)}. وقال بعض العلماء: {وَأَبْقَى (١٧)} أي أبقى عذابًا من عذابك، وأدوم منه. وعليه فهو رد لقول فرعون: {وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (٧١)} ومعنى {وَأَبْقَى (٧١)} أكثر بقاء.
ذكر الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة:{إِنَّهُ} أي الأمر والشأن {مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ} يوم القيامة في حال كونه {مُجْرِمًا} أي: مرتكبًا الجريمة في الدنيا حتى مات على ذلك كالكافر عياذًا بالله تعالى {فَإِنَّ لَهُ} عند الله {جَهَنَّمَ} يُعَذَّب فيها فـ {لَا يَمُوتُ} فيستريح {وَلَا يَحْيَى (٧٤)} حياة فيها راحة.
وهذا الذي ذكره هنا؛ أوضحه في غير هذا الموضع، كقوله: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (٣٦)}، وقوله تعالى: {وَاسْتَفْتَحُوا