وذكر نعيم أهل الجنة بأبلغ صيغة في قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيتَ ثَمَّ رَأَيتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (٢٠)}.
والآيات الدالة على أنواع نعيم الجنة وحسنها وكمالها، كالظلال والعيون والأنهار وغير ذلك، كثيرة جدًّا، ولنكتف منها بما ذكرنا.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٧١)} قد قدمنا الآيات الموضحة لأن خلودهم المذكور لا انقطاع له البتة، كقوله تعالى:{عَطَاءً غَيرَ مَجْذُوذٍ} أي غير مقطوع، وقوله تعالى:{إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ}، وقوله تعالى:{مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ}.
قد قدمنا الكلام على هذه الآية الكريمة، ونحوها من الآيات الدالة على أن العمل سبب لدخول الجنة، كقوله تعالى: {وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣)}، وقوله تعالى: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (٦٣)}، وقوله تعالى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)}.
وبينا أقرب أوجه الجمع بين هذه الآيات الكريمة وما بمعناها، مع قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لن يدخل أحدكم عيله الجنة، قالوا: ولا أنت يا رسول الله، قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل".
وذكرنا في ذلك أن العمل الذي بينت الآيات كونه سببَ دخولِ الجنة هو العمل الذي تقبله الله برحمة منه وفضل، وأن العمل الذي لا يدخل الجنة هو الذي لم يتقبله الله، والله يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٢٧)}.