الذِّكْرِ} الآية- أن من جهل الحكم، يجب عليه سؤال العلماء والعمل بما أفتوه به. والمراد بأهل الذكر في الآية، أهل الكتاب، وهذه الأمة أيضًا يصدق عليها أنها أهل الذكر، لقوله:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} الآية. إلا أن المراد في الآية أهل الكتاب.
والباء في قوله:{بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ} قيل: تتعلق بـ {وَمَآ أَرْسَلْنَا} داخلًا تحت حكم الاستثناء مع {رِجَالًا} أي: وما أرسلنا إلا رجالًا بالبينات، كقولك: ما ضربت إلا زيدًا بالسوط؛ لأن أصله ضربت زيدًا بالسوط. وقيل: تتعلق بقوله: {رِجَالًا} صفة له، أي: رجالًا متلبسين بالبينات. وقيل: تتعلق بـ {أَرْسَلْنَا} مضمرًا دل عليه ما قبله؛ كأنه قيل: بم أرسلوا؟ قيل: بالبينات، وقيل: تتعلق بـ {نُّوحِيَ} أي: نوحي إليهم بالبينات، قاله صاحب الكشاف، والعلم عند الله تعالى.
• قوله تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}. المراد بالذكر في هذه الآية: القرآن، كقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)}.
وقد ذكر جل وعلا في هذه الآية حكمتين من حكم إنزال القرآن علي النبي - صلى الله عليه وسلم -.
إحداهما: أن يبين للناس ما نزل إليهم في هذا الكتاب من الأوامر والنواهي، والوعد والوعيد، ونحو ذلك، وقد بين هذه الحكمة في غير هذا الموضع أيضًا؛ كقوله:{وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ} وقوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} الآية.