قد قدمنا الكلام عليه في سورة الشورى في الكلام على قوله:{اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ}، وقدمنا هناك كلام أهل العلم في معناه.
بين الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة والتي قبلها، أن إقامة دين الإِسلام تنبني على أمرين:
أحدهما هو ما ذكره بقوله:{وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ} لأن في ذلك إقامة البراهين على الحق، وبيان الحجة، وإيضاح الأمر والنهي والثواب والعقاب، فإذا أصر الكفار على الكفر وتكذيب الرسل مع ذلك البيان والإِيضاح، فإن الله تبارك وتعالى أنزل الحديد، أي خلقه لبني آدم؛ ليردع به المؤمنون الكافرين المعاندين، وهو قتلهم إياهم بالسيوف والرماح والسهام.
وعلى هذا، فقوله هنا:{وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} توضحه آيات كثيرة، كقوله تعالى:{قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيهِمْ}، وقوله تعالى: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (١٢)} والآيات في مثل ذلك كثيرة معلومة.
وقوله:{وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} لا يخفى ما في الحديد من المنافع للناس، وقد أشار الله إلى ذلك في قوله:{وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ} لأن مما يوقد عليه في النار ابتغاءَ المتاعِ الحديدُ.