واعلم أن قول النار في هذه الآية:(هل من مزيد) قول حقيقي ينطقها الله، فزعم بعض أهل العلم أنه كقول الحوض:
امتلأ الحوض فقال قطني ... مهلًا رويدًا قد ملأت بطني
وأن المراد بقولها ذلك هو ما يفهم من حالها؛ خلاف التحقيق. وقد أوضحنا ذلك بأدلته في سورة الفرقان في الكلام على قوله تعالى: {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (١٢)}. والعلم عند الله تعالى.
قوله:(أزلفت) أي قربت. وقوله:(غير بعيد) فيه معنى التوكيد لقوله: (أزلفت) سواء أعربت (غير بعيد) بأنها حال أو ظرف.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من إزلاف الجنة للمتقين، جاء في مواضع أخر من كتاب الله، كقوله تعالى: {وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (١٢) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (١٣)}، وقوله تعالى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (٩٠) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوينَ (٩١)}.
قال البغوي رحمه الله في تفسير هذه الآية:(غير بعيد) ينظرون إليها قبل أن يدخلوها.
قوله:(لهم ما يشاؤون فيها) قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى: {لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ (٣١)}.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{وَلَدَينَا مَزِيدٌ} قال