واستدل بعضهم لها الوجه بآيات من كتاب الله، كقوله تعالى: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣)}، وقوله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١١٩)}، {قَال فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (٨٤) لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٥)}.
وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في سورة يس في الكلام على قوله تعالى:{لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ} الآية؛ لأن إقسامه تعالى في هذه الآية المدلول عليه بلام التوطئة في (لأملأن) على أنه يملأ جهنم من الجنة والناس، دليل على أنها لا بد أن تمتلئ.
ولذا قالوا: إن معنى (هل من مزيد) لا مزيد؛ لأني قد امتلأت فليس فِيَّ محل للمزيد.
وأما القول الآخر، فهو أن المراد بالاستفهام في قول النار:(هل من مزيد) هو طلبها للزيادة، وأنها لا تزال كذلك حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض وتقول: قط قط، أي كفاني قد أمتلأت.
وهذا الأخير هو الأصح، لما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن جهنم لا تزال تقول: هل من مزيد، حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض وتقول قط قط؛ لأن في هذا الحديث المتفق عليه التصريح بقولها: قط قط، أي كفاني قد امتلأت، وأن قولها قبل ذلك: هل من مزيد، لطلب الزيادة، وهذا الحديث الصحيح من أحاديث الصفات، وقد قدمنا الكلام عليها مستوفًى في سورة الأعراف والقتال.