فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ} الآية، وقد صدقه الله، وحكم له بالأمن والهداية، فقال: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٨٢)}.
والظاهر شمولها لجميع احتجاجاته عليهم، كما في قوله: {لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (٧٦)}؛ لأن الأفول الواقع في الكوكب والشمس والقمر أكبر دليل، وأوضح حجة على انتفاء الربوبية عنها، وقد استدل إبراهيم عليه، وعلى نبينا الصلاة والسلام بالأفول على انتفاء الربوبية في قوله: {لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (٧٦)} فعدم إدخال هذه الحجة في قوله: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا} غير ظاهر، وبما ذكرنا من شمول الحجة لجميع احتجاجاته المذكورة صدر القرطبي. والعلم عند الله تعالى.
• قوله تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٨٨)} ذكر تعالى أن هؤلاء الأنبياء المذكورين في هذه السورة لو أشركوا بالله لحبط جميع أعمالهم.
وصرح في موضع آخر بأنه أوحى هذا إلى نبينا، والأنبياء قبله عليهم كلهم صلوات الله وسلامه، وهو قوله:{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} الآية. وهذا شرط، والشرط لا يقتضي جواز الوقوع، كقوله:{قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ} الآية، على القول بأن "إن" شرطية، وقوله:{لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا} الآية، وقوله:{لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} الآية.
• قوله تعالى:{وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} أي لا أحد أظلم ممن قال: سأنزل مثل مآ أنزل الله، ونظيرها قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى