فقوله: {وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (٤٢)} أي: لا تضعفا ولا تفترا في ذكري. وقد أثنى الله على من يذكره في جميع حالاته في قوله:{الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ}، وأمر بذكر الله عند لقاء العدو في قوله:{إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} كما تقدم إيضاحه.
وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره هذه الآية الكريمة: والمراد أنهما لا يفتران في ذكر الله في حال مواجهة فرعون؛ ليكون ذكر الله عونًا لهما عليه، وقوة لهما وسلطانًا كاسرًا له، كما جاء في الحديث:"إن عبدي كل عبدي الذي يذكرني وهو مناجز قِرْنه" اهـ منه.
وقال بعض أهل العلم: {وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (٤٢)} لا تزالا في ذكري، واستشهد لذلك بقول طرفة:
أمر الله جل وعلا نبيه موسى وهارون عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام: أن يقولا لفرعون في حال تبليغ رسالة الله إليه {قَوْلًا لَيِّنًا} أي: كلامًا لطيفًا سهلًا رقيقًا، ليس فيه ما يغضب وينفر. وقد بين جل وعلا المراد بالقول اللين في هذه الآية بقوله: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (١٧) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (١٨) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (١٩)} وهذا