تعالى أثبت الهدى لنبينا - صلى الله عليه وسلم - في آية، وهي قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢)}، ونفاه عنه في آية أخرى، وهي قوله تعالى:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}.
فيعلم مما ذكرنا: أن الهدى المثبت له - صلى الله عليه وسلم - هو الهدى العام الذي هو البيان والدلالة والإِرشاد، وقد فعل ذلك - صلى الله عليه وسلم -، فبين المحجة البيضاء، حتى تركها ليلها كنهارها لا يزيغ عنها هالك.
والهدى المنفي عنه في آية:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} هو الهدى الخاص الذي هو التفضل بالتوفيق؛ لأن ذلك بيد الله وحده، وليس بيده - صلى الله عليه وسلم -، كما قال تعالى:{وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} الآيه وقوله تعالى: {إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ}، والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة.
وكذلك قوله تعالى:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ} الآية، لا منافاة فيه بين عموم الناس في هذه الآية وخصوص المتقين في قوله تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢)}؛ لأن الهدى العام للناس هو الهدى العام، والهدى الخاص بالمتقين هو الهدى الخاص، كما لا يخفى.
وقد بينا هذا في غير هذا الموضع. والعلم عند الله تعالى.