وقال بعض أهل العلم: معنى هذه الآية قل يا محمد للمشركين: إنما أنا بشر مثلكم، فمن زعم منكم أني كاذب فليأت بمثل ما جئت به، فإنني لا أعلم الغيب فيما أخبرتكم به عما سألتم عنه من أخبار الماضين كقصة أصحاب الكهف، وخبر ذي القرنين. وهذا له اتجاه والله تعالى أعلم.
قوله في هذه الآية:{فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ} يشمل كونه يأمل ثوابه، ورؤية وجهه الكريم يوم القيامة، وكونه يخشى عقابه؛ أي فمن كان راجيًا من ربه يوم يلقاه الثواب الجزيل والسلامة من الشر؛ فليعمل عملًا صالحًا. وقد قدمنا إيضاح العمل الصالح وغير الصالح في أول هذه السورة الكريمة وغيرها، فأغنى عن إعادته هنا.
وقوله: {وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (١١٠)} قال جماعة من أهل العلم: أي لا يرائي الناس في عمله؛ لأن العمل بعبادة الله لأجل رياء الناس من نوع الشرك، كما هو معروف عند العلماء أن الرياء من أنواع الشرك. وقد جاءت في ذلك أحاديث مرفوعة. وقد ساق طرقها ابن كثير في تفسير هذه الآية. والتحقيق أن قوله: {وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (١١٠)} أعم من الرياء وغيره، أي: لا يعبد ربه رياء وسمعة، ولا يصرف شيئًا من حقوق خالقه لأحد من خلقه؛ لأن الله يقول:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ .. } الآية في الموضعين، ويقول: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيرُ أَوْ تَهْوي بِهِ