لا يسوغ التجرؤ على الله بإدخال حرف في كتابه لم يأذن بإدخاله الله ولا رسوله.
ودعوى أن العمل جرى بالقراءة بالهاء لا يعول عليها؛ لأن جريان العمل بالباطل باطل، ولا أسوة في الباطل بإجماع المسلمين، وإنما الأسوة في الحق، والقراءة سنة متبعة مروية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا لا خلاف فيه.
وقوله تعالى:{مِتْنَا}، قرأه ابن عامر وابن كثير وأبو عمرو وشعبة عن عاصم:(مُتنا) بضم الميم، وقرأه نافع وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم:(مِتْنا) بكسر الميم، وقد قدمنا مسوغ كسر الميم لغة في سورة مريم في الكلام على قوله تعالى:{يَاليتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا}.
لما أنكر الكفار بعثهم وآباءهم الأولين في الآية المتقدمة، أمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يخبرهم خبرًا مؤكدًا بأن الأولين والآخرين كلهم مجموعون يوم القيامة للحساب والجزاء بعد بعثهم.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من بعث الأولين والآخرين وجمعهم يوم القيامة، جاء موضحًا في آيات كثيرة، كقوله:{يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ}، وقوله تعالى:{اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}، وقوله تعالى:{رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيبَ فِيهِ} الآية، وقوله تعالى:{ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ}، وقوله تعالى: {هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (٣٨)}، وقوله تعالى: {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (٤٧)}.