قال القرطبي عبثًا، أي: مهملين. والعبث في اللغة اللعب، ويدل على تفسيره في الآية باللعب قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (٣٨)} وقوله: {الْمَلِكُ الْحَقُّ} قال بعضهم: أي: الذي يحق له الملك؛ لأن كل شيء منه وإليه. وقال بعضهم: الملك الحق الثابت الذي لا يزول ملكه، كما قدمنا إيضاحه في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى:{وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا} وإنما وصف عرشه بالكرم لعظمته وكبر شأنه. والظاهر أن قوله: {وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (١١٥)} معطوف على قوله: {أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} خلافًا لمن قال: إنه معطوف على قوله: {عَبَثًا} لأن الأول أظهر منه. والعلم عند الله تعالى.
وقوله في هذه الآية الكريمة:{فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ} قد بين أن حسابه الذي عند ربه لا فلاح له فيه بقوله بعده: {إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (١١٧)} وأعظم الكفارين كفرًا هو من يدعو مع الله إلهًا آخر، لا برهان له به، ونفي الفلاح عنه يدل على هلاكه، وأنه من أهل النار. وقد حذر الله من دعاء إله معه في آيات كثيرة كقوله: {وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥١)} وقوله: {وَلَا تَدْعُ مَعَ