للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى هذا القول تكون الأحوال الخمسة مقدرة: أعني قوله في "طه": {وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤) وقوله فيها: {لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى}، وقوله في "الإسراء": {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا}. وأظهرها عندي الأول. والله تعالى أعلم.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (١٢٦)} من النسيان بمعنى الترك عمدًا، كما قدمنا الآيات الموضحة له في هذه السورة الكريمة في الكلام على قوله: {فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (١١٥)}.

• قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ}.

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه يجازي المسرفين ذلك الجزاء المذكور. وقد دل مسلك الإيماء والتنبيه على أن ذلك الجزاء لعلة إسرافهم على أنفسهم في الطغيان والمعاصي، وبين في غير هذا الموضع أن جزاء الإسراف النار، وذلك في قوله تعالى: {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (٤٣)} وبين في موضع آخر: أن محل ذلك إذا لم ينيبوا إلى الله ويتوبوا إليه، وذلك في قوله: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} إلى قوله: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ} الآية.

• قوله تعالى: {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (١٢٧)}.

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن عذاب الآخرة أشد وأبقى؛ أي أشد ألمًا وأدوم من عذاب الدنيا، ومن المعيشة الضنك التي هي عذاب القبر. وقد أوضح هذا المعنى في غير هذا الموضع؛