يكون كذلك، إلا إذا كان مصرفه الذي صرف فيه مما يرضي الله، كقوله تعالى:{قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} الآية- وصرح بأن الإنفاق فيما لا يرضي الله حسرة على صاحبه في قوله:{فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً} الآية- وقد قال الشاعر:
إن الصنيعة لا تعد صنيعة ... حتى يصاب بها طريق المصنع
فإن قيل: هذا الذي قررتم يقتضي أن الإنفاق المحمود هو إنفاق ما زاد على الحاجة الضرورية، مع أن الله تعالى أثنى على قوم بالإنفاق وهم في حاجة إلى ما أنفقوا، وذلك في قوله: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩)}.
فالظاهر في الجواب -والله تعالى أعلم- هو ما ذكره بعض العلماء من أن لكل مقام مقالا، ففي بعض الأحوال يكون الإيثار ممنوعا، وذلك كما إذا كانت على المنفق نفقات واجبة، كنفقة الزوجات ونحوها فتبرع بالإنفاق في غير واجب، وترك الفرض لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وابدأ بمن تعول"، وكأن يكون لا صبر عنده عن سؤال الناس فينفق ماله، ويرجع إلى الناس يسألهم مالهم، فلا يجوز له ذلك، وإلايثار فيما إذا كان لم يضيع نفقة واجبة، وكان واثقا من نفسه بالصبر والتعفف وعدم السؤال. وأما على القول بأن قوله تعالى: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣)} يعني به الزكاة. فالأمر واضح، والعلم عند الله تعالى.
• قوله تعالى:{خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} الآية، لا يخفى أن الواو في قوله: {وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى