للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزائد على الحاجة وسد الخلة التي لا بد منها، وذلك كقوله: {وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ}، والمراد بالعفو الزائد على قدر الحاجة التي لا بد منها على أصح التفسيرات، وهو مذهب الجمهور.

ومنه قوله تعالى: {حَتَّى عَفَوْا} أي كثروا وكثرت أموالهم وأولادهم. وقال بعض العلماء: [العفو] [١] نقيض الجهد، وهو أن ينفق ما لا يبلغ إنفاقه منه الجهد واستفراغ الوسع. ومنه قول الشاعر:

خذي العفو مني تستديمي ... مودتي ولا تنطقي [في] [٢] سورتي حين أغضب

وهذا القول راجع إلى ما ذكرنا، وبقية الأقوال ضعيفة.

وقوله تعالى: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} فنهاه عن البخل بقوله: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ}، ونهاه عن الإسراف بقوله: {وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْط} فيتعين الوسط بين الأمرين، كما بينه بقوله: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً (٦٧)} فيجب على المنفق أن يفرق بين الجود والتبذير، وبين البخل والاقتصاد، فالجود: غير التبذير، والاقتصاد: غير البخل، فالمنع في محل الإعطاء مذموم، وقد نهى الله عنه نبيه - صلى الله عليه وسلم - بقوله {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ} والإعطاء في محل المنع مذموم أيضا، وقد نهى الله عنه نبيه - صلى الله عليه وسلم - بقوله: {وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} وقد قال الشاعر:

لا تمدحن [٣] ابن عباد وإن هطلت ... يداه كالمزن حتى تخجل الديما

فإنها فلتات [٤] من وساوسه ... يعطي ويمنع لا بخلا ولا كرما

وقد بين تعالى في مواضع أخر: أن الإنفاق المحمود لا


قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة:
[١] سقطت كلمة «العفو» من المطبوع، واستدركناها من طبعة المدني.
[٢] سقطت كلمة «في» من المطبوع.
[٣] في المطبوع: «من فلتات»، وهي على الصواب في طبعة المدني.
[٤] في المطبوع: «نمدحن»، وهي على الصواب في طبعة المدني.