في هذه الآية الكريمة وجهان من التفسير للعلماء، وأحدهما يشهد له قرآن، وهو: أن معنى الآية: {وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ} كأن يدعو على نفسه أو ولده بالهلاك عند الضجر من أمر؛ فيقول: اللهم أهلكني، أو أهلك ولدي؛ فيدعو بالشر دعاء لا يحب أن يستجاب له. وقوله:{دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ} أي: يدعو بالشر كما يدعو بالخير، فيقول عند الضجر: اللهم أهلك ولدي، كما يقول في غير وقت الضجر: اللهم عافه، ونحو ذلك من الدعاء.
ولو استجاب الله دعاءه بالشر لهلك. ويدل لهذا المعنى قوله تعالى:{وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} أي: لو عجل لهم الإجابة بالشر، كما يعجل لهم الإجابة بالخير لقضى إليهم أجلهم، أي: لهلكوا وماتوا؛ فالاستعجال بمعنى التعجيل.
ويدخل في دعاء الإنسان بالشر قول النضر بن الحارث العبدري: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣٢)}.
وممن فسر الآية الكريمة بما ذكرنا: ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وهو أصح التفسيرين لدلالة آية يونس عليه.
الوجه الثاني في تفسير الآية: أن الإنسان كما يدعو بالخير فيسأل الله الجنة، والسلامة من النار، ومن عذاب القبر، كذلك قد