{قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} الآية. والضمير في سلكناه قيل: للقرآن، وهو الأظهر، وقيل: للتكذيب والكفر المذكور في قوله: {مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (١٩٩)} وهؤلاء الكفار الذين ذكر الله جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة أنهم لا يؤمنون حتى يروا العذاب الأليم: هم الذين حقت عليهم كلمة العذاب، وسبق في علم الله أنهم أشقياء، كما يدل لذلك قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (٩٦) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (٩٧)} وقد أوضحنا شدة تعنت هؤلاء، وأنهم لا يؤمنون بالآيات، في سورة الفرقان، وفي سورة بني إسرائيل وغيرهما.
وقوله:{كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ} نعت لمصدر محذوف، أي: كذلك السلك أي: الإدخال. سلكناه، أي: أدخلناه في قلوب المجرمين. وإيضاحه على أَنه القرآن: أن الله أنزله على رجل عربي فصيح بلسان عربي مبين، فسمعوه وفهموه لأنه بلغتهم، ودخلت معانيه في قلوبهم، ولكنهم لم يؤمنوا به؛ لأن كلمة العذاب حقت عليهم. وعلى أن الضمير في سلكناه للكفر والتكذيب فقوله عنهم: {مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (١٩٩)} يدل على إدخال الكفر والتكذيب في قلوبهم، أي: كذلك السلك سلكناه. . . إلخ.
لفظة هل هنا يراد بها التمني، والآية تدل على أنهم تمنوا التأخير والإِنظار، أي: الإِمهال. وقد دلت آيات أخر على طلبهم ذلك صريحًا، وأنهم لم يجابوا إلى ما طلبوا، كقوله تعالى: {وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ