لو كان يغفل لسقطت فأهلكت الخلق كما تقدم إيضاحه. وقال بعضهم: {وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ (١٧)} بل نحن القائمون بإصلاح جميع شؤونهم، وتيسير كل ما يحتاجون إليه.
وقوله:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ} يعني السموات برهان على قوله قبله {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (١٤) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (١٦)} لأن من قدر على خلق السموات، مع عظمها فلا شك أنه قادر على خلق الإِنسان، كقوله تعالى:{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} وقوله تعالى: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧)} الآية، وقوله:{أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} والآيات بمثل هذا متعددة.
وقد قدمنا براهين البعث التي هذا البرهان من جملتها، وأكثرنا من أمثلتها، وهي مذكورة هنا؛ ولم نوضحها هنا لأنا أوضحناها فيما سبق في النحل والبقرة. والعلم عند الله تعالى.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه أنزل من السماء ماء معظمًا نفسه جل وعلا بصيغة الجمع المراد بها التعظيم، وأن ذلك الماء الذي أنزله من السماء أسكنه في الأرض؛ لينتفع به الناس في الآبار، والعيون، ونحو ذلك، وأنه جل وعلا قادر على إذهابه لو شاء