للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيهِ إلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (٣٨)}.

وقوله في هذه الآية الكريمة: {فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (٤٧)} أي لم نترك. والمغادرة: الترك؛ ومنه الغدر؛ لأنه ترك الوفاء والأمانة.

وسمى الغدير من الماء غديرًا، لأن السيل ذهب وتركه. ومن المغادرة بمعنى الترك قول عنترة في مطلع معلقته:

هل غادر الشعراء من متردَّم ... أم هل عرفت الدار بعد توهم

وقوله أيضًا:

غادرتُه مُتَعَفِّرًا أوصالُه ... والقومُ بين مجرِّحِ ومُجَدَّلِ

وما ذكره في هذه الآية الكريمة -من أنه حشرهم ولم يترك منهم أحدًا- جاء مبينًا في مواضع أخر، كقوله: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ... } الآية، ونحوها من الآيات، لأن حشرهم جميعًا هو معنى أنه لم يغادر منهم أحدًا.

• قوله تعالى: {وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا}.

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الخلائق يوم القيامة يعرضون على ربهم صفًّا، أي في حال كونهم مصطفين. قال بعض العلماء: صفًّا بعد صف. وقال بعضهم: صفًّا واحدًا وقال بعض العلماء: {صَفًّا} أي جميعًا، كقوله: {ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا} على القول فيه بذلك. وقال القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة: وخرج الحافظ أبو القاسم عبد الرحمن بن منده في كتاب التوحيد عن معاذ بن جبل: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله تبارك وتعالى ينادي يوم القيامة