ما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من أن الكفار معرضون عما أنذرتهم به الرسل، جاء موضحًا في آيات كثيرة، كقوله تعالى في البقرة: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٦)}، وقوله في يس: {وَسَوَاءٌ عَلَيهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (١٠)} وقوله تعالى: {وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إلا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (٤٦)}، والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة.
والإِعراض عن الشيء الصدود عنه، وعدم الإِقبال إليه.
قال بعض العلماء: وأصله من العُرض، بالضم، وهو الجانب؛ لأن المعرض عن الشيء يوليه بجانب عنقه، صادًّا عنه.
والإِنذار: الإِعلام المقترن بتهديد؛ فكل إنذار إعلام وليس كل إعلام إنذارًا.
وقد أوضحنا معاني الإِنذار في أول سورة الأعراف.
و (ما) في قوله: {عَمَّا أُنْذِرُوْا} قال بعض العلماء: هي موصولة والعائد محذوف، أي الذين كفروا معرضون عن الذي أنذروه، أي خوفوه من عذاب يوم القيامة، وحذف العائد المنصوب بفعل أو وصف مضطرد كما هو معلوم.
وقال بعض العلماء: هي مصدرية، أي والذين كفروا معرضون عن الإِنذار.