للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأشعري عن أهل السنة والجماعة، وهو الذي نصره الحافظ أبو بكر البيهقي في كتاب (الاعتقاد) وكذلك غيره من محققي العلماء والحفاظ والنقاد. انتهى محل الغرض من كلام ابن كثير رحمه الله تعالى، وهو واضح جدًا فيما ذكرنا.

الأمر الثاني: أن الجمع بين الأدلة واجب متى ما أمكن بلا خلاف؛ لأن إعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما، ولا وجه للجمع بين الأدلة إلا هذا القول بالعذر والامتحان، فمن دخل النار فهو الذي لم يمتثل ما أمر به عند ذلك الامتحان، وتتفق بذلك جميع الأدلة، والعلم عند الله تعالى.

ولا يخفى أن مثل قول ابن عبد البر رحمه الله تعالى: إن الآخرة دار جزاء لا دار عمل = لا يصح أن ترد به النصوص الصحيحة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما أوضحناه في كتابنا "دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب".

• قوله تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (١٦)}

في معنى قوله: {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} في هذه الآية الكريمة ثلاثة مذاهب معروفة عند علماء التفسير:

الأول: وهو الصواب الذي يشهد له القرآن، وعليه جمهور العلماء: أن الأمر في قوله: {أَمَرْنَا} هو الأمر الذي هو ضد النهي، وأن متعلق الأمر محذوف لظهوره. والمعنى: {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} بطاعة الله وتوحيده، وتصديق رسله واتباعهم فيما جاءوا به {فَفَسَقُوا}