ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أنه آتى أصحاب الحجر -وهم ثمود- آياته فكانوا عنها معرضين. والإعراض: الصدود عن الشيء وعدم الالتفات إليه، كأنه مشتق من العرض -بالضم- وهو الجانب؛ لأن المعرض لا يولي وجهه، بل يثني عطفه ملتفتًا صادًا.
ولم يبين جل وعلا هنا شيئًا من تلك الآيات التي آتاهم، ولا كيفية إعراضهم عنها، ولكنه بين ذلك في مواضع أخر، فبين أن من أعظم الآيات التي آتاهم: تلك الناقة التي أخرجها الله لهم، بل قال بعض العلماء: إن في الناقة المذكورة آيات جمة: كخروجها عشراء، وبراء، جوفاء من صخرة صماء، وسرعة ولادتها عند خروجها، وعظمها حتى لم تشبهها ناقة، وكثرة لبنها حتى يكفيهم جميعًا، وكثرة شربها؛ كما قال تعالى: {لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (١٥٥)} وقال: {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (٢٨)}.
فإذا علمت ذلك فاعلم أن مما يبين قوله هنا:{وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا} قوله: {فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٥٤) قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا