اللَّهِ}. فكل هذه الآيات فيها الدلالة على أنهم إذا سمعوا آيات ربهم تتلى تأثروا تأثرًا عظيمًا، يحصل منه لبعضهم البكاء والسجود. ولبعضهم قشعريرة الجلد ولين القلوب والجلود، ونحو ذلك.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{وَبُكِيًّا} جمع باك. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية من سورة "مريم" فسجد وقال: هذا السجود، فأين البكى؟ يريد البكاء. وهذا الموضع من عزائم السجود بلا خلاف بين العلماء في ذلك.
الضمير في قوله:{مِنْ بَعْدِهِمْ} راجع إلى النبيين المذكورين في قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ} الآية. أي فخلف من بعد أولئك النبيين خَلْف، أي: أولاد سوء. قال القرطبي رحمه الله في تفسير سورة "الأعراف": قال أبو حاتم: الخَلْف بسكون اللام: الأولاد، الواحد والجمع فيه سواء. والخَلَف -بفتح اللام- البَدَل ولدًا كان أو غريبًا. وقال ابن الأعرابي: الخَلَف -بالفتح- الصالح. وبالسكون: الطالح. قال لبيد:
ذهب الذين يُعاش في أكنافهم ... وبقيتُ في خَلَف كجلد الأجرب
ومنه قيل للرديء من الكلام: خَلْف؛ ومنه المثل السائر "سكت ألْفًا ونطق خَلْفًا". فخَلْف في الذم بالإسكان. وخَلَف بالفتح