وقوله في هذه الآية الكريمة:{مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} الآية، كقوله تعالى: {قَال فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ (٢٥)}. والتارة في قوله: {تَارَةً أُخْرَى (٥٥)} بمعنى المرة. وفي حديث السنن: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حضر جنازة، فلما أرادوا دفن الميت أخذ قبضة من التراب فألقاها في القبر وقال:{مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} ثم أخذ أخرى وقال: {وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} ثم أخرى وقال: {وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى}.
أظهر القولين أن الإضافة في قوله:{آيَاتِنَا} مضمنة معنى العهد كالألف واللام. والمراد بآياتنا المعهودة لموسى كلها وهي التسع المذكورة في قوله:{وَلَقَدْ آتَينَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} الآية، وقوله تعالى:{وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيبِكَ تَخْرُجْ بَيضَاءَ مِنْ غَيرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ} الآية. وقال بعضهم: الآيات التسع المذكورة هي: العصا، واليد البيضاء، وفلق البحر، والحجر الذي انفجرت منه اثنتا عشرة عينًا، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، ونتق الجبل فوقهم كأنه ظلة. وقد قدمنا كلام أهل العلم في الآيات التسع في سورة "الإسراء". وقال بعض أهل العلم: العموم على ظاهره، وإن الله أرى فرعون جميع الآيات التي جاء بها موسى، والتي جاء بها غيره من الأنبياء، وذلك بأن عرفه موسى جميع معجزاته ومعجزات سائر الأنبياء. والأول هو الظاهر.
وقد بين جل وعلا في غير هذا الموضع: أن الآيات التي أراها فرعون وقومه بعضها أعظم من بعض، كما قال تعالى في