إليه، أي كانا غير جزءيه؛ فالقياس الجمع وفاقًا للفراء، كقولك: ما أخرجكما من بيوتكما، وإذا أويتما إلى مضاجعكما، وضرباه بأسيافهما، وسألتا عن إنفاقهما على أزواجهما، ونحو ذلك.
المعصية خلف للطاعة، فقوله:{وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ} أي: لم يطعه في اجتناب ما نهاه عنه من قربان تلك الشجرة.
وقوله: {فَغَوَى (١٢١)} الغي: الضلال، وهو الذهاب عن طريق الصواب. فمعنى الآية: لم يطع آدم ربه فأخطأ طريق الصواب بسبب عدم الطاعة. وهذا العصيان والغي بين الله جل وعلا في غير موضع من كتابه أن المراد به: أن الله أباح له أن يأكل هو وامرأته من الجنة رغدًا حيث شاءا، ونهاهما أن يقربا شجرة معينة من شجرها؛ فلم يزل الشيطان يوسوس لهما ويحلف لهما بالله إنه لهما لناصح، وإنهما إن أكلا منها نالا الخلود والملك الذي لا يبلى. فخدعهما بذلك كما نص الله على ذلك في قوله: {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (٢١) فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ} فأكلا منها، وكان بعض أهل العلم يقول: من خادعنا بالله خدعنا؛ وهو مروي عن عمر. وفي حديث أبي هريرة عند أبي داود والترمذي والحاكم:"المؤمن غر كريم، والفاجر خب لئيم". وأنشد لذلك نفطويه:
إن الكريم إذا تشاء خدعتَه ... وترى اللئيم مجرِّبًا لا يُخْدَع
فآدم عليه الصلاة والسلام ما صدرت منه الزلة إلا بسبب غرور إبليس له. وقد قدمنا قول بعض أهل العلم: إن آدم من شدة