للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعظيمه لله اعتقد أنه لا يمكن أن يحلف به أحد وهو كاذب فأنساه حلف إبليس بالله العهد بالنهي عن الشجرة. وقول بعض أهل العلم: إن معنى قوله: {فَغَوَى} أي: فسد عليه عيشه بنزوله إلى الدنيا.

قالوا: والغي: الفساد، خلاف الظاهر، وإن حكاه النقاش واختاره القشيري واستحسنه القرطبي. وكذلك قول من قال: {فَغوَى} أي: بشم من كثرة الأكل. والبشم: التخمة، فهو قول باطل. وقال فيه الزمخشري في الكشاف: وهذا كان صح على لغة من يقلب الياء المكسورة ما قبلها ألفًا فيقول في فَنِي وبَقِي: فنا وبقا، وهم بنو طيء. تفسير خبيث، اهـ منه. وما أشار إليه الزمخشري من لغة طيئ معروف؛ فهم يقولون للجارية: جاراة، وللناصية: ناصاة، ويقولون في بقي: بقى، كرمى. ومن هذه اللغة قول الشاعر:

لعمرك لا أخشى التصعلك ما بقى ... على الأرض قيسيّ يسوق الأباعرا

وهذه اللغة التي ذكرها الزمخشري لا حاجة لها في التفسير الباطل المذكور؛ لأن العرب تقول: غوى الفصيل كرضى وكرمى: إذا بشم من اللبن.

وقوله تعالى في هذه الآية: {وَعَصَى آدَمُ} يدل على أن معنى {فَغَوَى (١٢١)} ضل عن طريق الصواب كما ذكرنا. وقد قدمنا أن هذه الآية الكريمة وأمثالها في القرآن هي حجة من قال بأن الأنبياء غير معصومين من الصغائر. وعصمة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم مبحث أصولي لعلماء الأصول فيه كلام كثير واختلاف معروف،