وقال بعض العلماء: إن العلماء العاملين لا ينالهم هذا الخرف، وضياع العلم والعقل من شدة الكبر؛ ويستروح لهذا المعنى من بعض التفسيرات في قوله تعالى: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (٥) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} الآية.
أظهر التفسيرات في هذه الآية الكريمة: أن الله ضرب فيها مثلًا للكفار، بأنه فضل بعض الناس على بعض في الرزق، ومن ذلك تفضيله المالكين على المملوكين في الرزق، وأن المالكين لا يرضون لأنفسهم أن يكون المملوكون شركاءهم فيما رزقهم الله من الأموال والنساء وجميع نعم الله. ومع هذا يجعلون الأصنام شركاء لله في حقه على خلقه، الذي هو إخلاص العبادة له وحده، أي: إذا كنتم لا ترضون بإشراك عبيدكم معكم في أموالكم ونسائكم، فكيف تشركون عبيدي معي في سلطاني!.
ويشهد لهذا المعنى قوله تعالى:{ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ} الآية. ويؤيده أن "ما" في قوله: {فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} نافية، أي: ليسوا برادي رزقهم عليهم حتى يسووهم مع أنفسهم اهـ.
فإذا كانوا يكرهون هذا لأنفسهم، فكيف يشركون الأوثان مع الله في عبادته! مع اعترافهم بأنها ملكه، كما كانوا يقولون في