تلبيتهم: لبيك لا شريك لك، إلا شريكًا هو لك، تملكه وما ملك.
وهذه الآية الكريمة نص صريح في إبطال مذهب الاشتراكية القائل بأنه لا يكون أحد أفضل من أحد في الرزق، ولله في تفضيل بعضهم على بعض في الرزق حكمة؛ قال تعالى:{نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} الآية، وقال:{اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ}، وقال:{عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} إلى غير ذلك من الآيات. وفي معنى هذه الآية الكريمة قولان آخران:
أحدهما: أن معناها أنه جعلكم متفاوتين في الرزق؛ فرزقكم أفضل مما رزق مماليككم، وهم بشر مثلكم وإخوانكم، فكان ينبغي أن تردوا فضل ما رزقتموه عليهم، حتى تتساووا في الملبس والمطعم؛ كما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه أمر مالكي العبيد "أن يطعموهم مما يطعمون، ويكسوهم مما يلبسون" وعلى هذا القول فقوله تعالى: {فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} لوم لهم، وتقريع على ذلك.
القول الثاني: أن معنى الآية: أنه جل وعلا هو رازق المالكين والمملوكين جميعًا، فهم في رزقه سواء، فلا يحسبن المالكون أنهم يردون على مماليكهم شيئًا من الرزق، فإنما ذلك رزق الله يجريه لهم على أيديهم. والقول الأول هو الأظهر وعليه جمهور العلماء، ويدل له القرآن كما بينا. والعلم عند الله تعالى.
وقوله: {أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (٧١)} إنكار من الله عليهم جحودهم بنعمته؛ لأن الكافر يستعمل نعم الله في معصية الله،