وأشار في موضع آخر إلى أنه منه الإيمان بجميع الرسل، فلا يجوز قطع بعضهم عن بعض في ذلك، بأن يؤمن ببعضهم دون بعضهم الآخر، وذلك في قوله: وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (١٥٠) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً}.
• قوله تعالى:{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} ظاهره: أن ما في الأرض جميعا خلق بالفعل قبل السماء، ولكنه بين في موضع آخر أن المراد بخلقه قبل السماء، تقديره. والعرب تسمي التقدير خلقا كقول زهير:
"ولأنت تفرى ما خلقت ... وبعض القوم يخلق ثم لا يفري"
وذلك في قوله:{وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا} ثم قال: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} الآية.
• قوله تعالى:{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} الآية، وفي قوله:[خَلِيفَةً] وجهان من التفسير للعلماء.
أحدهما: أن المراد بالخليفة أبونا آدم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام؛ لأنه خليفة الله في أرضه في تنفيذ أوامره. وقيل: لأنه صار خلفا من الجن الذين كانوا يسكنون الأرض قبله، وعليه فالخليفة. فعيلة بمعنى فاعل. وقيل لأنه إذا مات يخلفه من بعده، وعليه فهو من فعيلة بمعنى مفعول، وكون الخليفة هو آدم هو الظاهر المتبادر من سياق الآية.