للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: أن قوله خَلِيفَةً مفرد أريد به الجمع، أي خلائف، وهو اختيار ابن كثير. والمفرد إن كان اسم جنس يكثر في كلام العرب إطلاقه مرادا به الجمع كقوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (٥٤)} يعني وأنهار بدليل قوله {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} الآية. وقوله: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً (٧٤)} وقوله: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً} ونظيره من كلام العرب قول عقيل بن علفة المري:

وكان بنو فزارة شر عم ... وكنت لهم كشر بني الأخينا

وقول العباس بن مرداس السلمي:

فقلنا: اسلموا إنا أخوكم ... وقد سلمت من الإحن الصدور

وأنشد له سيبويه قول علقمة بن عبدة التيمي:

بها جيف الحسرى فأما عظامها ... فبيض وأما جلدها فصليب

وقول الآخر:

كلوا في بعض بطنكم تعفو ... فإن زمانكم زمن خميص

وإذا كانت هذه الآية الكريمة تحتمل الوجهين المذكورين فاعلم أنه قد دلت آيات أخر على الوجه الثاني، وهو أن المراد بالخليفة: الخلائف من آدم وبنيه لا آدم نفسه وحده، كقوله تعالى: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} الآية، ومعلوم أن آدم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ليس ممن يفسد فيها، ولا ممن يسفك الدماء، وكقوله: {هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ} الآية، وقوله: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ} الآية، وقوله: {وَيَجْعَلُكُمْ